لا يبدو صادماً لنا ذلك الخطاب المحتقن والمثخن بالسواد، ذلك الخطاب القادم من أرض فلسطين الغالية على قلوبنا، وليس مفاجئاً لنا حين صار أكثر وضوحاً اليوم، بل على العكس جعلنا نرى جلياً حقيقة ما يفكر به إنسان تلك الأرض وأبناؤها المنتشرون في المملكة وفي الدول العربية وفي بلاد الغرب. ربما في فترة سابقة كنّا نبرّر ونسوّغ لكل أصوات الكراهية الناعقة والتي كانت تنال من بلادنا، وكنا نقول بأنها حالات فردية لا تمثل إنسان فلسطين، ولم نكن ندرك حجم ذلك الخداع الأخوي العروبي، ولم نتوقع حجم ذلك العداء الذي تخفيه تلك الصدور ونرى «العداوة ولا نرى أسبابها»!!
أقل ما يمكن قوله اليوم إن لديهم حالة فصامية حادة تجاه بلادنا وليس لديهم أزمة فهم للأحداث التي تحيط بأرضهم والتحديات التي يواجهونها، بل على العكس هم يدركون كل التفاصيل والمتغيرات من حولهم، ويدركون كم بذلنا نحن من أجلهم على كافة الأصعدة، وما زالت دماء الشهداء السعوديين وقائمة الشرف محفوظة في الضمير العربي الشريف، لكن الحالة اليائسة المحبطة المخذولة التي يعانون منها تجعلهم في حالة عداء حتى تجاه أنفسهم. فهم اليوم يقفون أيضا ضد قضيتهم وربما يغرسون المسمار الأخير في نعشها.
ويمكن لنا فهم ما يدور في الوعي الجمعي الفلسطيني وفهم الوسائل التي تشكّل وتغذّي هذا الوعي؛ فيكفي أن تشاهد على سبيل المثال خطيب صلاة الجمعة كمال الخطيب والذي لا توجد لديه أية قضايا يخاطب فيها الناس في الأرض المحتلة على الإطلاق، وصار يخصص خطب يوم الجمعة وغيرها للهجوم على بلادنا والنيل من رموزها والتدخل بشكل سافر في الشأن الاجتماعي السعودي! يخطب بصوت غائر طاعن بالسواد حتى يبح صوته المثقل بالكراهية، ليتوقف قليلا ثم يعود ليستجمع قواه ليعاود لغة الشتائم التي لا تليق بمنبر إسلامي وفي أرض مباركة!
كرر ذلك كثيرا للأسف، وتصاب بالحزن للحالة التي وصل إليها مثل ذلك الخطيب وغيره ممن يشبهونه هناك. أما في مواقع التواصل الاجتماعي فحدث ولا حرج، تبرز لغة هابطة متدنية لا يجيدها ولا يعرفها في الشارع العربي سوى أولئك الطارئين والعابرين من أبناء «الكضية»، وتخجل بالفعل من كمية الألفاظ القميئة وهي تتدافع نحونا، في محتوى منشور يشاهده الملايين. وحتى على مستوى الأعراس والزواجات في فلسطين وفي حالة الفرح وفي ليلة يفترض أنها تكون للحب والفرح تأبى إلاّ أن تتجه بالشتائم إلينا! فمطرب الأعراس شادي البوريني ورفيقه أكرم البوريني تبادلا شعراً غنائياً رديئاً عبارة عن «زجل عامي فلسطيني» محتواه الشتم والقدح في مملكة التوحيد ورجالها والحضور يصفقون ويتراقصون!
وأخيرا وليس آخرا جاء رسام الكاريكاتير الفلسطيني محمود عباس ليبرهن لنا على حقيقة تلك العقلية وموقفها المتجدد تجاهنا، فكان بإمكانه معالجة تراجع أسعار النفط بكاريكاتير دون الإساءة لأي كيان عربي، وهو يدرك أن أزمة النفط أزمة سوق عالمية ترتفع وتهبط وفقا للمتغيرات والأحداث، لكنه جزء من خطاب الكراهية وتداعياته النتنة ورياحه السوداء.
* كاتب سعودي
ALOKEMEabdualrh@
أقل ما يمكن قوله اليوم إن لديهم حالة فصامية حادة تجاه بلادنا وليس لديهم أزمة فهم للأحداث التي تحيط بأرضهم والتحديات التي يواجهونها، بل على العكس هم يدركون كل التفاصيل والمتغيرات من حولهم، ويدركون كم بذلنا نحن من أجلهم على كافة الأصعدة، وما زالت دماء الشهداء السعوديين وقائمة الشرف محفوظة في الضمير العربي الشريف، لكن الحالة اليائسة المحبطة المخذولة التي يعانون منها تجعلهم في حالة عداء حتى تجاه أنفسهم. فهم اليوم يقفون أيضا ضد قضيتهم وربما يغرسون المسمار الأخير في نعشها.
ويمكن لنا فهم ما يدور في الوعي الجمعي الفلسطيني وفهم الوسائل التي تشكّل وتغذّي هذا الوعي؛ فيكفي أن تشاهد على سبيل المثال خطيب صلاة الجمعة كمال الخطيب والذي لا توجد لديه أية قضايا يخاطب فيها الناس في الأرض المحتلة على الإطلاق، وصار يخصص خطب يوم الجمعة وغيرها للهجوم على بلادنا والنيل من رموزها والتدخل بشكل سافر في الشأن الاجتماعي السعودي! يخطب بصوت غائر طاعن بالسواد حتى يبح صوته المثقل بالكراهية، ليتوقف قليلا ثم يعود ليستجمع قواه ليعاود لغة الشتائم التي لا تليق بمنبر إسلامي وفي أرض مباركة!
كرر ذلك كثيرا للأسف، وتصاب بالحزن للحالة التي وصل إليها مثل ذلك الخطيب وغيره ممن يشبهونه هناك. أما في مواقع التواصل الاجتماعي فحدث ولا حرج، تبرز لغة هابطة متدنية لا يجيدها ولا يعرفها في الشارع العربي سوى أولئك الطارئين والعابرين من أبناء «الكضية»، وتخجل بالفعل من كمية الألفاظ القميئة وهي تتدافع نحونا، في محتوى منشور يشاهده الملايين. وحتى على مستوى الأعراس والزواجات في فلسطين وفي حالة الفرح وفي ليلة يفترض أنها تكون للحب والفرح تأبى إلاّ أن تتجه بالشتائم إلينا! فمطرب الأعراس شادي البوريني ورفيقه أكرم البوريني تبادلا شعراً غنائياً رديئاً عبارة عن «زجل عامي فلسطيني» محتواه الشتم والقدح في مملكة التوحيد ورجالها والحضور يصفقون ويتراقصون!
وأخيرا وليس آخرا جاء رسام الكاريكاتير الفلسطيني محمود عباس ليبرهن لنا على حقيقة تلك العقلية وموقفها المتجدد تجاهنا، فكان بإمكانه معالجة تراجع أسعار النفط بكاريكاتير دون الإساءة لأي كيان عربي، وهو يدرك أن أزمة النفط أزمة سوق عالمية ترتفع وتهبط وفقا للمتغيرات والأحداث، لكنه جزء من خطاب الكراهية وتداعياته النتنة ورياحه السوداء.
* كاتب سعودي
ALOKEMEabdualrh@